أدب الخيال العلمي العراق أنموذجًا (دراسة مقارنة)

في الوقت الذي تنزاح فيه الأعمال الأدبية الحديثة إلى بلورة نتاجها لتواكب فكرة العصر الذي يكسر (في أغلب الأحيان) حدود المعقول ، وفي الوقت الذي تتزاحم فيه الأعمال الأدبية العالمية منها والعربي لتقديم النص الفريد الممتع ، لا زال أدب الخيال العلمي يحتل متوسعاً ، مكانة كبيرة في هذا السياق ، بل متصدراً الانتقال من بين أوراق الكتب نحو السينما والفنون البصرية الأخرى وربما نحو التطبيق الواقعي ذاته ، فمن الافتراض إلى التطبيق ، ومن الاحتمال إلى الحدث ، ينطلق مفهوم هذا النمط العالمي للأدب كي يفرض نفسه بقوة منذ بدايات القرن العشرين إلى وقتنا الراهن ، وهو ربما ما يقودنا للبحث عن ما هيته .. تركيبه.. مفهومه .. والخلفيات التي بدأت تكوينه ، بعيداً عن سماوات الفنطازيا والغيبيات والجموح الفكري غير القائم على براهين واقعية واستدلالات منطقية ، وبعيداً عن محاولات جره نحو الموروث والقصص القديمة التي تسحب بساط نشوئه نحو بيئات ربما لا تعقد صلةً واضحةً معه ..

هذا الكتاب في الأصل هو رسالة أكاديمية مُقارنة ، تسعى إلى كشف هوية أدب يُحاول الكثير ( عربياً على أقل تقدير ) إطلاق مفاهيم ذاتية وآنية عن كنهه دون الوصول إلى شكل نهائي للتعبير عن مفهومه ، وبقدر كون هذه المحاولة هي النتاج الأكاديمي الأول في العراق للبحث عن صيغة فهم لكينونة الخيال العلمي عن طريق دراسة مقارنة ، فهي بلا شك النص الأول الذي يؤرخ نشأة هذا النوع من الفن في بلاد الرافدين وتعريفه في الآن ذاته داخل الوطن العربي ، بوصفه مثالاً حياً وواقعياً للكيفية التي ينشأ فيها أدبٌ ما وسط بيئة لم تتعامل معه سابقاً .