النقد الإجتماعي في النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت (أنموذج هربرت ماركيوز)

17,500 $

لقد اهتمت الفلسفة الغربية المعاصرة في شقها الكبير بالبحث في مسألة القيم، محاولة بذلك حل الأزمة التي يعاني منها إنسان الحضارة المعاصرة المتقدّمة صناعيا وتكنولوجيا. والتي هي في الأصل أزمة قيم

لقد اهتمت الفلسفة الغربية المعاصرة في شقها الكبير بالبحث في مسألة القيم، محاولة بذلك حل الأزمة التي يعاني منها إنسان الحضارة المعاصرة المتقدّمة صناعيا وتكنولوجيا. والتي هي في الأصل أزمة قيم. بدليل أنّ المفكرين المعاصرين الذين ينتمون إلى النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت قد خاضوا في هذا المجال، حيث ساهموا مساهمة فعّالة بغية إيجاد حل لما يسمى بأزمة العقلانية الأداتية (la rationalité instrumentale)، التي يقصد بها تحويل رؤية الإنسان للعالم من رؤية عقلانية كانت تتمثل في تلك المبادئ والقيم والتعاليم العقلية الخالصة التي يستعين بها الإنسان لإخضاع الطبيعة الخارجية لمشيئته، إلى حيلة تخدم المجتمع الإستهلاكي الذي تمارس فيه الحكم نخبة ذكية من الرّجال الرأسماليين الذين يجتهدون في جعل العقل أداة أو وسيلة ليس لتحرير الإنسان من قبضة الحتميات التي تقيّده: الحتمية الطبيعية، الحتمية الاجتماعية، الحتمية الاقتصادية والحتمية البيولوجية. بل من أجل إخضاعه إلى نسق النظام القائم الذي تنحصر وظيفته في عملية جمع الأموال عن طريق توظيف ما يسمى بالإشهار التجاري(la publicité commerciale)، الذي يجلب أكبر عدد ممكن من الناس لإقتناء المنتجات الرأسمالية الموفرة. وهذه الآلية الأخيرة التي يركز عليها النظام الإقتصادي المعاصر، هي التي ستحقق حلم تلك النخبة الرأسمالية المتمثل في تشييد عالم الإستهلاك، الذي سيتحوّل فيه الإنسان من كونه كائن عاقل، إلى كائن غريب عن نوعه الإنساني، يستهلك من أجل أن يثبت وجوده. وكأنه يشبه في مثل هذه الحالة، الحيوان الغريزي الذي يسيل لعابه كلما وفرت له كمية معينة من اللحم

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “النقد الإجتماعي في النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت (أنموذج هربرت ماركيوز)”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top