هي خطوة للسباحة في أنهار الكتابة في أفق مُقارعتها: غِيَابَ الاختلاف، وغطرسةَ الأحادية والتنميط، وجعلَ الكرة الأرضية؛ كما التي بين الأرجل؛ تقبلها البشرية كلها، وبصيغ جاهزة، بحيث تراها تتغذى بنفس الغذاء، وتنفعل بذات الانفعال، وتبصر الصورة عينها، تسافرُ في الفضاء الافتراضي الواحد لتشاهد ما هو مرادٌ لها أن تشاهده مسبقا، لا ما تتغياه وتحلم به. وهذه المقارعة تبتدئ من مواجهة الذات بوصفها مَشْغلا تنشبك فيه خيوطها بخيوط الآخر، بمعنى أن مواجهتها هي في الآن عينَه مواجهة للآخر، وبذلك تنبثق حركة انفصال خلاَّقة؛ هاجسها خلقُ شبكاتِ مُنَاهَضَةٍ عاملةٍ على الانفلات من التنميط، وعلى توليد الفروق والاختلافات البانية. فحركية الكتابة هي في عُمقها حركية وعي ولا وعي، سواء انتسبت إلى ذكر أو أنثى، وهي ائتلاف واختلاف يتجليان في اللغة، وفي حوار هذه اللغة مع الذات والكون بشكل مُقنَّع يتشابك فيه العقلاني باللاعقلاني، الماضي بالحاضر، الجواني بالبرَّاني، الذاتي بالموضوعي، لأجل زمن جديد لا يتحدد فيه الوجود إلا عبر الكتابة التي هي متخيل تمتزج فيه الذكورة بالأنوثة امتزاج النور بالماء والعطر بالزهر، دونما اعتبار للتصنيف الجنسي، وذلك لأن صيرورة الأنثى وسيرورتها تُلغيان التمييز والحدود، وتدفعانها إلى استخلاص كلِّ حقوقها الخاصة والعامة في الحياة، مما سيجعل ذاكرة النقد في ورطة إذا هي تمسكت بالتمييز بين إبداع الذكر وإبداع الأنثى
فالسباحة في هذه الأنهار معناه إقامة في الذات،ولَأْمُ جراحاتها وندوبها،وكشطُ تجاعيدها إقامة فيها بذاكرة مضادة، وليست مرورا إليها عبر وعي الآخر وصوره التي يعكسها عنها، أو عبر وعيها هي لذلك الآخر. و إنما عبر وعيها الْمُستقلِّ عن كل المرايا، والمنتج لتثاقفٍ acculturation كَوْنِيٍّ لا يحجب ولا ينحجب
وكي لا تنحجب الذات،وتنطمر تحت أتربة العادات والمفاهيم التي تُكَرِّسها الميديا قصد تسطيح العقل،وجعله يتقبَّل ما تنتجه صناعة التفاهة دون نقاشٍ،عَمدْنا إلى شق هذه الأنهار المختلفة،علَّها تغسل الذات من دَرن المألوف المكَلِّس للوجدان،وتفتح لها أفق الأمل في التغيير
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.