يهدف هذا البحث إلى تبيين حقيقتين يخطئ فيهما كثير من الدارسين المعاصرين، أولاهما: أن النحو العربي في نشأته وترعرعه واكتماله الذي تم له في كتاب سيبويه بريء كل البراءة من التأثر بالنحو الأجنبي: اليوناني والسرياني والهندي، وبريء كذلك كل البراءة من التأثر بالمنطق الأرسطي، وثانيتهما: أن نحو سيبويه على الخصوص كان له تأثير واضح على ما جد في الغرب من مفاهيم ونظريات لسانية، مع ما بين الثقافة العربية والثقافة الغربية من فوارق
ومن أجل تبيين هاتين الحقيقتين عمل البحث على دراسة الاستدلال وأنواعه عند سيبويه، لأن دراستهما تبين وبشكل قاطع أن نحو سيبويه له منطقه الخاص به، وأن سيبويه كان رائدا في كثير من الأفكار التي يظن بها الجدة وأنها بنت العصر عند الغرب
وفعلا فقد خلص البحث إلى أن استدلال سيبويه استدلال أصيل مبني على النظر إلى اللغة نفسها، واستنتاج خصائصها من ذاتها، وأنه اعتمد أول ما اعتمد على السماع الذي هو من أنواع المشاهدة، لأنه يرجع إلى الحس، وعلى قياس النظائر المبني على مفهوم النظائر بالمعنى الرياضي.
وتأكد من خلال البحث أن قياس النظائر هو الذي أفرز مفاهيم إجرائية جد أصيلة، لم تعرف اللسانيات المعاصرة الكثير منها إلا مؤخرا، ومن تلك المفاهيم الإجرائية الأصل والفرع والموضع، والنظير، والعامل، والتقدير، والعلة
وتأكد أيضا أن النحو العربي وبواسطة كتاب سيبويه على الخصوص كان له تأثير على النحو عند الغرب قديما وحديثا، وأن البنوية والتوزيعية والتحويلية والوظيفية وحتى التداولية والسياقية ما كان لها لتظهر لولا ما ترجمه الغربيون من نحو سيبويه، وإلا فما سر وجود ملامح اللسانيات المعاصرة في كتاب سيبويه، وهذا باعتراف المنصفين من الغربيين كمايكل جي كارتر الأسترالي وألريكه موزل الألمانية وغيرهما
وقد استعان البحث من أجل الخلوص إلى هاتين الحقيقتين بالأفكار التي جاءت بها النظرية الخليلية الحديثة، والتي يرجع الفضل فيها إلى رائدها أ.د. عبد الرحمن الحاج صالح
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.